إنّ العمل الكشفي هو عمل تطوعيّ بحت و له أشكال عديدة منها التطوع بالمال ، بالفكر أو بالعمل المباشر ، حيث يشارك أبناء الحركة الكشفية في أعمال تساهم بدورها في التنمية الاجتماعية ولا يطمحون لكسب مقابل ماديّ من خلالها بل يهدفون لخدمة مجتمعهم ، و من هنا نصل إلى نقطة مهمة هي أن العمل الكشفي يُبنى على أساس فهم احتياجات المجتمع و بما أن هذه الاحتياجات تختلف من مجتمع لآخر (أي من بلد لآخر) فإن نمط العمل الكشفي يختلف كذلك و نذكر من بين هذه البلدان:
فلسطين:
مثلها مثل كل الحركات الكشفية في العالم العربي لم تنقطع الحركة الكشفية الفلسطينية عن المشاركة في الأنشطة التي تعقدها المنظمة الكشفية العربية رغم كل العراقيل و الصّعاب التي واجهتها في إثبات وجودها عالميا و عربيا ، و قد هدفت فكريا لتنمية روح الانتماء الوطني لدى أفراد المجتمع ، غرس حبّ الوطن في قلوب أبنائها منذ الصغر و الحث على التمسك بالأرض و الحقوق الفلسطينية كاملة في ظل وجود الكيان الصهيوني الذي حاول و لا يزال يحاول تحطيم الهوية الإسلامية الفلسطينية ، لهذا فقد كان-ولا يزال- للكشافة في فلسطين دور كبير في أغلب الثورات التي اندلعت سابقا.
أما بالنسبة للعمل الميداني فاختلفت نشاطاتها باختلاف المجالات ، فقد قامت في المجال الصحي بتنظيم حملات للتبرع بالدم للجرحى في المستشفيات و المراكز الصحية ، تنظيم دورات إسعافية أولية قصد مساعدة فرق الإسعاف في تقديم الإسعافات الأولية للجرحى في الاشتباكات و المصادمات العسكرية ، أما في المجال التعليمي فقد تم تعيين لجان لتدريس الطلاب في المناطق التي يحاصرها الاحتلال و يفرض فيها حظر التجول لمدة طويلة ، جمع التبرعات لتسديد الرسوم المدرسية عن بعض الطلبة خاصة أبناء الشهداء و الأسرى ، و أخيرا من حيث المجال الاجتماعي فيتمُ تنظيم زيارات لأهالي المعتقلين ، الأسرى ، الشهداء و الجرحى جراء القصف الإسرائيلي في المناسبات الدينية و غيرها ، و المساهمة في عمليات ترميم المنازل و البيوت المدمرة في المناطق الفقيرة.
نشير أيضا إلى بلدان أخرى تعيش وسط الحرب و الدمار كسوريا ، العراق ، اليمن و رغم ذلك فإنّ العمل الكشفي لديها متواصل بنفس الطريقة.
الجزائر:
ظهرت الحركة الكشفية في الجزائر أثناء فترة وجود الاستعمار الفرنسي فيها و قد كان لها دور في اندلاع الثورة التحريرية المجيدة فقد كان أغلب المجاهدين و الشهداء من أبنائها و كانوا أصحاب شخصيات قيادية و هذا إن كان يُظهر شيئا فإنه يُظهر تأثير الفكر الكشفي-القائم على حب اوطن- على أبناء الحركة الكشفية ، كما أنّها كانت حاضرة حتى بعد الاستقلال و نذكر من مواقفها البطولية تطوع أغلب أفواجها لمساندة المتضررين من زلزال بومرداس عام 2003 و إجلائهم من موقع الزلزال و كذلك زلازل ميلة عام 2020.
لبنان:
تأسست الحركة الكشفية في لبنان في عشرينيات القرن الماضي و تعدّ من الحركات النشطة في العالم العربي ، فبعد انفجار ميناء بيروت هبّت الكشافة اللبنانية للمساعدة في إزالة الركام و الدمار من أمام المنازل و البيوت المتضررة و في تقديم الإسعافات الأولية ، الطعام و المأوى للمحتاجين و المصابين كذلك.
نذكر أيضا الأردن ، مصر، تونس التي تختلف تواريخ تأسيس الحركات الكشفية فيها ، كلٌ منها حسب ظروفها الداخلية إلى أنّ نشاطاتها و أعمالها الكشفية مشتركة و أهدافها واحدة ، فكل حركة كشفية تقيم نشاطات هادفة لإصلاح أبناء المجتمع و محيطهم ، كحملات التشجير و مبادرات الإطعام بالإضافة لتنظيم دورات تدريبية في مختلف المجالات تساعد الكشاف في حياته اليومية ، دون أن ننسى جائحة كورونا التي هزت العالم و ظهر من خلالها المعنى الحقيقي لاستعداد الكشاف و تأقلمه مع كل الظروف فقد تم تنظيم حملات توعوية للحدّ من انتشار الفيروس و توزيع كمامات طبية في الشوارع بالإضافة إلى تعقيم الأحياء و المرافق العامة.
و نستنتج استنادا على ما سبق أنّ العمل الكشفي في الدول العربية يختلف في كيفية القيام به و ليس في أهدافه و أشكاله و يعود سبب هذا الاختلاف لظروف كل بلد و متطلبات كل مجتمع ليس إلا.